لقد كان السيف والفلم عدتي العمل والقول ، وعمدتي الدول ، فأن عدمتهما دولة فلا حول لها ولا قوة ، فساويت بين الخصمين في الإكرام واستنطقت لسانهما للكلام .
قال القلم :
الحمد لله الذي شرفني بالقسم وجعلني أول ما خلق ، فقد قال عز وجل في كتابه الكريم : (( ن- والقلم وما يسطرون )) .
قال السيف :
أما أنا فذو الصوت والقوة ، فقد نزل ذكري في القرآن الكريم قال الله تعالى : (( وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس )) ، كما أن لي فضائل عديدة ، فالفارس يحملني لقوتي بينما أنت تخدمه ماشيا على رأسك .
قال القلم :
ألم تعلم أن الورق قد جمل بي ، كما أنني أنوب عن اللسان فيما نهى وأمر ، وأشهد بالحق لمن يحسن استعمالي ، فلا أحد يعادلني في طاعة ناسي ومشيي على رأسي .
قال السيف :
إذا كان القلم شاهدا فالسيف قاض ، فقد حملتني يد نبينا صلى الله عليه وسلم دون القلم ، فتشرفت بي الأمم ، ولا سيما حين أسل فيخرج الدم من خلالي ، فصدق القائل : " السيف أصدق أنباء من ضده " فلا بي الحامل ولا يتناولوني كالقلم بأطراف الأنامل .
قال القلم :
أما آلة الحياة وأنت آلة الموت ، أنت تنفع في العمر ساعة ، وأنا أفني العمر في طاعه ، أنت للرهب وأنا للرغب .
قال السيف :
أما أنت للإنشاء فخادم لمخدوم ، أو للشاعر فسائل محروم ، أما أنا فلي الوجه الأجمل ، ثم إنني مملوك للملوك .
قال القلم :
أما أنت فابن الغدير وصديق الهواء ، أما أنت فابن النار وباتر الأعمار ، تفصل مالا يفصل وتقطع ما أمر الله به أن يوصل ، فيا ذا الوجه الوجهين كم أعدمت وأفنيت ؟ وار ملت وايتمت ؟ .
قال السيف :
أما أنت يا ابن النفاق كم زورت وحرفت ، ونكرت وعرفت ، وسطرت هجوا وشتمت ، فلا تقس بياضي بسوادك، وألن في خطابك فأنت قصير المده ، وأحسن في جوابك فأن عندي حده .
قال القلم :
أما الأدب فيؤخذ عني ، واللطف يكتسب مني ، فأن لنت في حديثك لألنت وأن أحسنت أحسنت ، فنحن أهل الطاعه ، أما أنتم فأهل الحده والخلاف .
قال السيف :
أنا للعزه والنصرة
قال القلم :
أنا أرقى وأجمل .
قال السيف :
أنا أقوى وأبتر .
قال القلم :
أن لم تكف تكف وتبتعد عني لأسطرن عليك بقلمي سجلا بهذا الحكم .
قال السيف :
أما ولساني الرطبين ووجهي الصلبين أن لم تغب عن بياضي بسوادك لأفصلن رأسك عن جسدك .
قال القلم :
سلم الي مع من سلم فان كنت اعلى فأنا اعلم ، وان كنت أحلى فأنا أحلم ، وان كنت اقوى فأنا أقوم ، أو كنت اغلى فأنا اغلب .
قال السيف :
كيف لا أفضلك وأنت أسلس العلم والمعرفة .
قال القلم :
كيف لا أفضلك وأنت من قتلت الأعداء وسايدت الأنصار